الأولى و الأخيرة

والذين معه

أبو عبيدة بن الجراح.. أمين الأمة وفاتح فلسطين والشام

موقع الصفحة الأولى

اليوم لقائنا مع أبو عبيدة بن الجراح، أمين هذه الأمة كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، والذي رشحه أبو بكر الصديق لخلافة رسول الله بعد وفاته، كما عينه عمر بن الخطاب على رأس جيوش المسلمين في حروب فتح بلاد الشام، فلماذا سماه الرسول أمين الأمة، وكيف استحق ثقة أبو بكر وعمر، هذا ما يوضحه موقع الصفحة الأولى في السطور التالية.

هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الفهري القرشي، والمولود في مكة المكرمة قبل هجرة الرسول بـ 40 عاما، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، حيث دخل الإسلام قبل أن يتخذ النبي دار الأرقم مركزاً لدعوته، وقيل إنه أسلم في اليوم التالي لإسلام أبي بكر الصديق، وجاء إسلامه على يد الصديق، عندما أخذه أبو بكر، هو عوبد الرحمن بن عوف وعثمان بن مظعون والأرقم بن أبي الأرقم، وذهب به إلى النبي، فآمنوا به وصدقوه وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

 

أبو عبيدة صاحب الهجرتين

وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه من أصحاب الهجرتين، فقد هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة المنورة، وبعد هجرته الثانية آخى رسول الله بينه وبين سعد بن معاذ رضي الله عنهما، وكان من المقربين إلى النبي مثل أبي بكر وعمر، وهناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تذكر فضله وصفاته، منها عند مجئ وفد من نجران إلى النبي، وبعد إسلامهم طلبوا أن يبعث إليهم رجلاً أميناً، فقال الرسول لهم: "لأبعثنَّ إليكم رجلًا أمينًا حق أمين، فاستشرف له الناس، فبعث أبا عبيدة بن الجراح".

أمين الأمة

وقال عنه النبي عليه الصلاة والصلام إنه أمين أمة الإسلام، أمة رسول الله، ففي حديث البخاري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة"، وقال عنه أيضا: "نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح".

وعندما سئلت أم المؤمنين عائشة بن أبي بكر رضي الله عنها: عمن كان النبي سيستخلفه من بعده لو استخلف، قالت: أبو بكر، فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح، ثم انتهت وصمتت"، وأيضا عندما سئلت أم المؤمنين: من أحب الناس إلى النبي؟ قالت: "أبو بكر، ثم عمر، ثم أبي عبيدة بن الجراح ثم صمتت".

 

مواقف مشهودة لأبي عبيدة

ومن المواقف المشهودة لأبي عبيدة رضي الله عنه، يوم غزوة أحد، عندما أصيب النبي في وجهه بحلقتي المغفر، فهرع مسرعا هو وأبا بكر لنزع ما أصيب به النبي في وجهه، فحلف عليه أبو عبيدة أن يترك ذلك الأمر له، فانتزعها على مرتين، وفي كل مرة يقع أبا عبيدة على ظهره من شدة النزع، وقد كسرت ثنيّتاه، أي أسنانه.

وأبو عبيدة بن الجراح مشهود له بالمشاركة في كل الغزوات مع النبي عليه الصلاة والسلام، وكان له فيها من المواقف والبطولات العظيمة، وله موقف مشهود في معركة ذات السلاسل، عندما طلب عمرو بن العاص المدد من النبي، فانتدب الصحابة للمشاركة وتقديم العون والمدد، فتقدم أبو بكر وعمر وعدد كبير من الصحابة، فعين النبي أبو عبيدة قائدا عليهم، وساروا لنصرة سرية ذات السلاسل وقائدها عمرو بن العاص، وعندما وصل جيش الصحابة، طلب عمرو بن العاص أن يكون قائدا للجيش وحده، إلا أن المهاجرين قالوا: أنت أمير أصحابك وأبو عبيدة أمير المهاجرين، ولكن أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وبتواضع جم وحلا للخلاف، قال لعمرو بن العاص: "أمرني رسول الله أن أتطاوع معك، وأنت أميري"، وبالفعل سلمه الإمارة، حتى لا يحدث شقاق بين المسلمين، رغم أنه أولى بها منه.

 

أبو عبيدة فاتح الشام

ومع تولى أبو بكر الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع زيادة خطر هرقل والروم على الدولة الإسلامية الوليدة، قرر أبو بكر الاستعداد لغزو الروم في عقر دارهم، فجهز أربعة جيوش، وأرسل عمرو بن العاص إلى فلسطين، وشرحبيل بن حسنة إلى الأردن، ويزيد بن أبي سفيان إلى البلقاء، وأبو عبيدة بن الجراح إلى حمص في سوريا حاليا.

ومع اجتماع جيوش المسلمين الأربعة في وادي اليرموك، استعدادا لمواجهة جيش الروم، وصل عدد جيش المسلمين إلى حوالي 36 ألفاً، أما جيش الروم فوصل إلى 240 ألف، وحدثت مناوشات بين الجيشين لمدة أيام لم بدون انتصار حاسم لأي من الطرفين، كما أن جيش المسلمين لم تجمعه قيادة واحدة، ثم جاء سيف الله خالد بن الوليد من العراق، فشاهد تشتت جيوش المسلمين، فقرر جمعهم وألقى لهم خطبة، دعاهم فيها إلى توحيد الكلمة، وأن يكون هناك قائد في كل يوم.  

وبالفعل، وافق القادة على رأي خالد بن الوليد، واقترحوا أن تكون بداية القيادة العامة معه، فجمع خالد الجيوش وقسمها، وكان أبو عبيدة في قلب الجيش، وعادت المعركة للاشتعال في مواجهة جيش الروم، وبدأت انتصارات جيش المسلمين في الظهور بعد توحيد قيادتهم، حتى توفى أبي بكر الصديق، وتولى من بعده عمر بن الخطاب خلافة المسلمين.

عزل خالد بن الوليد وتولية أبو عبيدة بن الجراح  

وخلال معركة اليرموك، جاء رسول من الخليفة الجديد عمر بن الخطاب، ينعى وفاة أبي بكر، مع قرار الفاروق بعزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيش، وتولية أبو عبيدة بن الجراح القيادة العامة لجيوش المسلمين، وعندما علم سيف الله المسلول بقرار عزله، قال: أيها الناس بعث عليكم أمين هذه الأمة، فقال أبو عبيدة عن خالد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خالد سيف من سيوف الله، نعم فتى العشير"، ليقود أمين الأمة الجيش للانتصار على الروم ويتم فتح الشام، ويتوجه بعدها أبو عبيدة في اتجاه بيت المقدس، وسبقه عمرو بن العاص، الذي كان يحاصر المدينة.

واستمر حصار جيوش المسلمين لبيت المقدس أربع أشهر، وبعدها تمت مراسلات بين أبي عبيدة وكبير أساقفة المدينة، وتم الاتفاق على تسليم بيت المقدس لعمر بن الخطاب، فأرسل أمين الأمة إلى الفاروق بذلك، والذي خرج من المدينة المنورة إلى المدينة المقدسة لتسلم مفاتيح بيت القدس، ويتم تحرير المسجد الأقصى المبارك.

تم نسخ الرابط