الأولى و الأخيرة

الصفحة الأولى تجيب..

كيف عرف الفراعنة الفسيخ.. وما سر تقديمه قرابيين للألهه؟

موقع الصفحة الأولى

الفسيخ هو طبق مصري موسمي، يتكون من سمك مملح أو سمك مخمر، ومن أهم أنواعه السمك البوري، ويعتبر السمك من أهم العادات المصرية، ويتناوله المصريين في مناسبتي عيد الفطر وشم النسيم، ويتساءل العديد من الأشخاص عن الفسيخ وكيف أصبح أكله شعبية يحبها العديد من الأشخاص ويعتبرونها وجبة رئيسية، ومتى كان أول ظهور له. 

ويوضح موقع الصفحة الأولى بداية ظهور الفسيخ منذ الحضارة الفرعونية القديمة من خلال متخصص في علم التاريخ القديم. 

ويقول دكتور هيثم الكيلاني، دكتور متخصص في التاريخ القديم، إن قصة الفسيخ بدأت منذ أيام الفراعنة وبالتحديد من الأسرة الخامسة، إذ تشير الوقائع التاريخية إلى أن المصريين القدماء احتفلوا بعيد الشمو أو شم النسيم بتقديم الأسماك المجففة قرابين للآلهة داخل المعابد.

سبب تسمية الفسيخ بهذا الاسم

ويتابع الدكتور هيثم، أن المصري القديم حرص على تناول السمك المملح (الفسيخ) في هذه المناسبة مع بداية تقديسه نهر النيل، الذي أطلق عليه "حعبي" بدءا من عصر الأسرة الخامسة، فضلا عن ارتباط تناوله بأسباب عقائدية تنطوي على أن الحياة خلقت من محيط مائي أزلي لا حدود له، خرجت منه جميع الكائنات، أعقبه بعث للحياة ووضع قوانين الكون.

ويشير الدكتور هيثم، إلى أن المصريين القدماء كانوا يخصصون أماكن أشبه بالورش من أجل صناعته، كما يتضح من خلال نقش في مقبرة الوزير "رخ-مي-رع" في عهد الأسرة 18، وتشير بردية "ايبرس" الطبية إلى أن السمك المملح كان يوصف للوقاية والعلاج من أمراض حمى الربيع وضربات الشمس، وقد استخدم الفراعنة أنواعا مختلفة من الأسماك مثل البوري والشبوط والبلطي كما يظهر من خلال رسومات جدران المقابر.

وتابع الدكتور هيثم أن الصيد كان يقل في فترة الربيع كثيرا، وهو ما ساعد على حفظ السمك أطول فترة ممكنة، لأن بذلك يسمح بتخزينه فترة من الوقت فيتفسخ السمك ويصبح مفككا من الداخل، ولهذا أطلق على هذا النوع من الأسماك "الفسيخ".

 وجود رسومات للفسيخ على المعابد

أشار أيضا الكيلاني، إلى وجود الكثير من الآثار الشاهدة على احتفال المصريين القدماء بهذا اليوم في كثير من المدن التاريخية بمصر، مثل معبد الملك رمسيس الثالث، الذي يقع ضمن مجموعة معابد مدينة هابو الفرعونية، في غرب مدينة الأقصر، ومقابر النبلاء والأشراف، المنحوتة في جبل القرنة التاريخي، أو ما يُعرَف بجبانة طيبة القديمة في غرب الأقصر، أيضاً، التي تحتوي جدرانها وأعمدتها على رسوم ونقوش ولوحات تسجل طقوس قدماء المصريين في احتفالاتهم بحلول فصل الربيع، وتناول الأسماك المملحة والفسيخ.

واستدل أيضًا الكيلاني، على النظر إلى معابد ومقابر الفراعنة، في الأقصر، نلاحظ تصوير الرجل وزوجته يجلسان في ظل شجرة، ويأكلان البصل، والسمك المملح، وخروج الزوج والزوجة والأبناء للتنزه والصيد، في فصل الربيع، ومن بين ما تسجله الآثار الفرعونية، عن كيفية استقبال قدماء المصريين لفصل الربيع، هو لوحات لموائد كبرى، وضع عليها السمك والخضراوات والفاكهة، ومن بينها البصل.

تجفيف السمك عند القدماء المصريين 

ومن الشواهد أيضا آثار منطقة سقارة في الجيزة، حيث تسجل طرق صناعة السمك المملح (الفسيخ) وكيفية تجفيف السمك، وتناوله، وأن مدينة إسنا التاريخية، بجنوب الأقصر، تعد أول مدينة عرفت تجفيف السمك في التاريخ.

وكان السمك المملح يوضع بجوار جثامين الموتى، ليتناولوه عند عودتهم للحياة في العالم الآخر، وأن إحدى برديات «منف» تحكي أن أحد ملوك الدولة القديمة، أُصِيب بإغماء، وأن كبير الكهنة، أمر بوضع بصلة خضراء بجوار رأسه، فعاد إلى وعيه، ومن هنا عُرِفَت قداسة وأهمية تناول البصل الأخضر في مصر الفرعونية.

ويقول أيضًا الدكتور خليفة محمد، باحث في التاريخ القديم، إن السمك المجفف كان ذات أهمية كبيرة عند المصريين القدماء، لذلك برعوا في حفظ الأسماك وتجفيفها، واستخراج البطارخ من بعض أنواعها، مشيرا إلى أن الأسماك المملحة كانت من الأطباق الرئيسية عن المصريين الفقراء قديما، وثبت ذلك في أحد رسوم مقبرة "نب_كاو_حر"بسقارة، حيث أن المصريين القدماء كانوا يرسلون الأسماك بعد صيدها إلى الأسواق، موضحا أن الأسماك كانت تنقسم عندهم إلى نوعين، نوع يأكلونه طازج مثل سمك البلطي وقشر البياض، ونوع آخر يتركونه في تيار الهواء الجاري لتجف تماما. 

ويتابع الدكتور خلفية، أن المصريين القدماء كانوا لا يعتمدون على تجفيف الأسماك فقط، ولكنهم كانوا يقومون أيضا بشق السمكة بالسكين شقا طويلا من الرأس حتى الذيل، بحيث يتم فصل الجانبان عن عظمة الظهر، كما كان يقوم الكثير منهم بإخراج أمعاء السمكة ونزع قشورها وإزالة الرأس ونهاية الذئب وتمليحها وتركها في الشمس حتى تجف.

أسرار تحنيط الأسماك عند المصريين القدماء

وأضاف أيضا أنه تم اكتشاف على العديد من الأسماك المحنطة والمجففة من عصور مختلفة، موضحا أن المصريين القدماء قاموا بحفظ الأسماك وتحنيطها في المقابر مع غيرها من الطعام والشراب، مشيرا إلى أن الأسماك المملحة التي عثروا عليها وجد بعضها خاليا من آثار القاع والتي تم استخدامها في التحنيط.

 وقد أكد العديد من الباحثين أن التحليل الكيميائي قد أظهر أن هذه الأسماك التي عثروا عليها، قد تم نقعها في محلول الماء المالح لفترات طويلة، ثم قاموا بوضع طبقة من الطين التي يحتوي على مواد ملحية، وقاموا بعد ذلك بتغليفها أكثر من مرة بشكل جيد، وبفضل جفاف الهواء وحماية الرمال الجافة، أمكن حفظها لآلاف السنين لدرجة أن بعضها ما زال يحتوي على مواد حيوانية.

أنواع أسماك عثروا عليها

وأوضح هاني جمال، خبير أثري، أنه تم العثور على تماثيل صغيرة لأسماك مصنوعة من البرونز، واستطرد حديثه قائلا إنه تم العثور علي تماثيل صغيرة لأسماك مصنوعة من البرونز، بعضها متوج بقرص الشمس و قرني البقرة "حتحور"، وبعضها الآخر على شكل سيدة يعلو رأسها سمكة تمثل الإلهة "حات_محيت" إلهة السمك.

ومن أنواع الأسماك التي عثروا عليها البلطي، حيث كان المصريين القدماء يفضلون هذا النوع من السمك، لأنه يمتاز بزعانف طويلة على الظهر، وقد عثر على رسوم له بأحد جدران مقبرة بتاح حتب بسقارة من الأسرة الخامسة وعلى جدران مقابر ميدوم ويمثل أحد العلامات في الكتابة الهيروغليفية، كما عثروا أيضًا على البوري وقد أطلق عليه المصريون بالهيروغليفي بري، والقبطية بوري ويتميز هذا النوع بزعانفها الأربعة كل اثنتين على أحد الجانبين، وعثر على رسوم له على جدران مقابر ميدوم ووجد بكثرة في مناظر صيد الأسماك.

تم نسخ الرابط